جرحى غزة: الألم المستمر بعد انتهاء الغارات

في كل حرب، تنتهي الغارات لكن تبقى الجروح شاهدة على القسوة. في غزة، لا يقتصر العدوان على من استشهدوا، بل يمتد ليترك خلفه عشرات الآلاف من الجرحى، كثير منهم يعانون من إعاقات دائمة أو أمراض مزمنة نتيجة الإصابات البليغة. هؤلاء الجرحى هم الوجه الآخر للمأساة: أجساد محطمة، أحلام مكسورة، وأرواح تصارع يوميًا للبقاء على قيد الحياة وسط حصار يمنع وصول الدواء والمعدات الطبية.

أرقام تكشف حجم الكارثة

بحسب وزارة الصحة في غزة وتقارير أممية:

  • تجاوز عدد الجرحى منذ بداية العدوان الأخير 75 ألف جريح.
  • آلاف منهم بُترت أطرافهم نتيجة القصف المباشر أو تأخر العلاج.
  • ما يقارب 40% من الجرحى هم من الأطفال والنساء.
  • مئات الحالات بحاجة عاجلة لعمليات خارج غزة لعدم توفر الإمكانيات.

هذه الأرقام تعني أن كل شارع في غزة يضم جريحًا واحدًا على الأقل يعيش بين الألم والأمل.

معاناة الجرحى اليومية

الحياة بعد الإصابة في غزة تتحول إلى رحلة طويلة من العذاب:

  1. الألم الجسدي
    إصابات البتر، الحروق، الشظايا، والكسور المعقدة تجعل من النوم والراحة حلمًا بعيدًا.
  2. غياب العلاج المناسب
    بسبب الحصار، تعجز المستشفيات عن توفير الأدوية الأساسية أو أجهزة التعويض والأطراف الصناعية.
  3. الصدمة النفسية
    الجرحى ليسوا فقط ضحايا جسديين، بل أيضًا أسرى صدمة الحرب التي ترافقهم مدى الحياة.
  4. الإعاقة الدائمة
    عشرات الآلاف لن يتمكنوا من المشي أو العمل مرة أخرى.
  5. الحرمان المعيشي
    كثير من الجرحى كانوا عُمّالًا يعيلون أسرهم، واليوم أصبحوا عاجزين عن توفير لقمة العيش.

صور إنسانية مؤلمة

  • شاب فقد ساقيه في غارة وهو في طريقه لشراء الخبز لأسرته، ليجد نفسه على كرسي متحرك يعتمد على غيره في كل تفاصيل حياته.
  • طفلة عمرها 8 سنوات فقدت ذراعها، وتبكي لأنها لا تستطيع أن ترسم أو تكتب مثل أصدقائها.
  • أم فقدت عينها في القصف، لكنها تواصل رعاية أطفالها الثلاثة وحدها بعد استشهاد زوجها.

هذه القصص تلخص مأساة جيل كامل يواجه حربًا ثانية بعد انتهاء القصف: حرب الألم والإعاقة.

النظام الصحي المنهك

المستشفيات في غزة تعمل بأكثر من طاقتها:

  • نقص حاد في الأدوية والمستلزمات.
  • أجهزة طبية معطلة لغياب قطع الغيار.
  • أطباء يعملون على مدار الساعة دون توقف.
  • غرف عمليات مزدحمة بجرحى ينتظرون أدوارهم لأيام طويلة.

أحيانًا يضطر الأطباء إلى بتر أطراف كان يمكن إنقاذها فقط لأن الدواء غير متوفر أو لأن الوقت ضاع في انتظار تصريح خروج.

البعد النفسي والاجتماعي

الإصابة لا تعني فقط جسدًا مكسورًا، بل حياة اجتماعية ونفسية منهارة:

  • الجرحى يعانون من نظرة المجتمع التي تراهم عاجزين.
  • الكثير منهم يصابون بالاكتئاب الحاد والعزلة.
  • بعض الأطفال يرفضون العودة للمدرسة خوفًا من السخرية.
  • النساء الجريحات يواجهن تحديات مضاعفة بسبب الأعراف الاجتماعية.

مبادرات لدعم الجرحى

رغم ضخامة الكارثة، هناك مبادرات إنسانية تحاول المساعدة:

  • جمعية أمة الخيرية توفر أدوية وعلاجًا للجرحى عبر برامج طبية عاجلة.
  • دعم عمليات تركيب الأطراف الصناعية للأطفال والشباب.
  • حملات تبرع لتأمين العلاج في الخارج للحالات الحرجة.
  • برامج دعم نفسي وتأهيل اجتماعي للجرحى وأسرهم.

لكن هذه الجهود تبقى محدودة جدًا أمام العدد الهائل من المصابين.

ماذا يمكننا أن نفعل؟

  • تبرع بمبلغ بسيط يمكن أن يوفر دواءً لمريض جريح.
  • 100 دولار قد تنقذ طرفًا من البتر أو توفر جلسات علاج طبيعي.
  • 300 دولار تكفي لتركيب طرف صناعي لطفل فقد ساقه.

التبرع متاح عبر الرابط:
👉 ساهم في علاج جرحى غزة

شهادات مؤثرة

  • “مش فارق عندي إذا رجعت أمشي ولا لأ، أهم حاجة ألاقي مسكن يوقف الألم” – شاب 22 عامًا.
  • “نفسي أرجع ألعب زي زمايلي، بس إيدي راحت مع القصف” – طفلة 9 سنوات.
  • “أنا مش بس فقدت رجلي، فقدت شغلي ومستقبل ولادي” – أب لخمسة أطفال.

الجانب القانوني والإنساني

استهداف المدنيين والجرحى وحرمانهم من العلاج يُعد جريمة حرب وفق القانون الدولي.
لكن غياب المحاسبة يجعل الجرحى يواجهون مصيرهم وحدهم، بانتظار تضامن العالم الحر.

الخاتمة

جرحى غزة ليسوا مجرد أرقام، بل قصص إنسانية تنبض بالألم والأمل في آن واحد. إنهم بحاجة إلى من يمد لهم يد العون، ليس فقط بالدواء، بل أيضًا بالحب والرعاية والتضامن.

قد لا نوقف القصف، لكننا نستطيع أن نخفف الألم، ونمنح الأمل. المساعدة اليوم ليست ترفًا، بل واجب إنساني عاجل لإنقاذ الأرواح والكرامة.